يعدّ علم التجويد من العلوم المهمة التي تساعد في قراءة القرآن الكريم قراءة صحيحة وفقًا لما نزل به الوحي، وتعتبر حروف المد في التجويد من أهم قواعد التجويد التي يجب على القارئ إتقانها، فهي تُضفي جمالًا على التلاوة، وتساهم في وضوح النطق وتحقيق التوازن الصوتي في القراءة.
في هذا المقال، سوف نتعرف على حروف المد، أنواعها وأهميتها في تحسين التلاوة وضبط مخارج الحروف.
ما هي حروف المد في التجويد
حروف المدّ في التجويد هي الألف والواو والياء، وتُسمى أيضًا حروف مدٍ ولينٍ، سُميت بحروف المد لأنه عند النطق بها نمد في صوت الحرف، وسُميت بحروف اللين لأنها تخرج بسهولة ويسر دون كلفة أو صعوبة.
والمدّ في اللغة يعني الإطالة والزيادة، كما يُقال: "امتدَّ الحبل" أي طال.
أما المد في علم التجويد، فالمدّ هو إطالة زمن النطق بحرفٍ من حروف المدّ الطبيعي أو اللين بسببٍ معين، وهو عكس القصر، الذي يعني الحبس والمنع وعدم المدّ مطلقًا، ويُمدّ المدّ الطبيعي بمقدار حركتين.
شروط حروف المد في التجويد
يُعدّ المدّ من أهم أحكام التجويد التي تعطي للقرآن الكريم جمالًا في التلاوة وانسيابية في النطق، ويعتمد المدّ على حروفٍ مخصوصة تُسمّى حروف المدّ.
وهناك شروط محددة لا بد من توافرها حتى يتحقق المدّ الصحيح، وتساعد هذه الشروط في تمييز المدّ الطبيعي عن غيره من أنواع المدود الأخرى، مما يسهم في القراءة الصحيحة وفقًا لأحكام التجويد.
إليك أهم شروط حروف المد في التجويد:
1. الألف
- تكون دائمًا ساكنة، ولا يسبقها إلا حرف مفتوح.
- مثال "قال" – الألف ساكنة وما قبلها مفتوح (القاف مفتوحة).
2. الواو
- يجب أن تكون ساكنة وما قبلها مضموم.
- مثال "يقول" – الواو ساكنة وما قبلها مضموم (الياء مضمومة).
3. الياء
- يجب أن تكون ساكنة وما قبلها مكسور.
- مثال "فيه" – الياء ساكنة وما قبلها مكسور (الفاء مكسورة).
صفات حروف المد في التجويد
حروف المد في التجويد (الألف، والواو، والياء) تتميز بخمس صفات أساسية، وهي كالتالي:
- الجهر (أي أنها تُنطق دون همس).
- الرخاوة (بمعنى أن جريان الصوت فيها يكون سلسًا).
- الاستفال (أي أنها تخرج من مواضع منخفضة في الفم وليست مستعلية).
- الانفتاح (بمعنى أن اللسان لا يلتصق بسقف الحلق عند نطقها).
- الإصمات (أي أنها ليست من الحروف التي تُستخدم في الكلمات الخفيفة السهلة).
وإذا أضفنا صفة الخفاء، فتصبح حروف المد متصفة بست صفات، حيث تُعتبر هذه الصفة ضرورية عند دراسة خصائصها، لأن صوتها يكون خفيًا نسبيًا عند النطق بها مقارنة ببعض الحروف الأخرى.
أنواع المد وأحكامه
يُعتبر المدّ أحد الأحكام الأساسية في علم التجويد، وهو إطالة الصوت بحروفٍ مخصوصة عند تلاوة القرآن الكريم، وتنقسم حروف المدّ إلى أنواعٍ متعددة، لكل منها شروط وأحكام تُميزها عن غيرها.
وتأتي أهمية معرفة أنواع حروف المدّ في أنها تساعد القارئ على تحسين تلاوته، وضبط نطقه، والالتزام بالقواعد التجويدية الصحيحة. وفيما يلي توضيح لأنواع حروف المدّ وأحكامها المختلفة.
أولا المد الأصلي (الطبيعي)
المدّ الطبيعي هو المدّ الذي لا تقوم ذات الحرف إلا به، أي لا يكون الحرف موجودًا في النطق دون مده.
ولا يعتمد هذا المدّ على أي سبب من أسباب المدّ الفرعي، مثل الهمزة أو السكون، بل يكفي فيه وجود حرف المدّ واللين، ويكون ذلك في الكلمات التي يأتي فيها حرف المدّ غير متبوعٍ بهمزة أو حرفٍ ساكن، مثل: قالوا وأقبلوا.
و مقداره حركتان (الحركة هي زمن قبض الأصبع أو بسطه بسرعة متوسطة).
- سبب التسمية
- يُسمى "أصلي" لأنه ثابت ولا يعتمد على أسباب خارجية.
- يُسمى "طبيعي" لأن صاحب النطق السليم يمدّه حركتين دون زيادة أو نقصان.
أنواع المد الطبيعي
1. حرف المد ثابت وصلاً ووقفاً
- مثل ﴿مَالِكِ﴾، ﴿يُوصِيكُمُ﴾، ﴿بِيَمِينِهِ﴾.
- يشمل الحروف الهجائية في فواتح السور مثل "حم" (حرف المد هو الميم).
2. حرف المد ثابت في الوقف دون الوصل
- مثل الألف المبدلة من التنوين المنصوب مثل ﴿عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (في الوقف).
- أو الألف التي عليها سكون مستطيل مثل ﴿أَنَا نَذِيرٌ﴾ (في الوقف).
3. حرف المد ثابت في الوصل دون الوقف
- مثل ﴿إِنَّهُ هُوَ﴾، ﴿بِهِ بَصِيرًا﴾.
-وحكمه، يُطلق عليه "مد الصلة" وهو خاص بهاء الضمير (مثل: ﴿بِهِ﴾).
ثانيا المد الفرعي
المدّ الفرعي هو المدّ الذي يزيد عن مقدار المدّ الطبيعي أو يتفرّع منه بسبب وجود همزٍ أو سكون. وقد عرّفه علماء التجويد بأنه إطالة الصوت بحرف المدّ عند ملاقاة همزٍ أو سكون.
وسُمّي فرعيًّا لأنه يتفرّع من المدّ الأصلي (الطبيعي)، ويُعدّ الهمز أحد أسباب المدّ الفرعي، سواء جاء قبل حرف المدّ أو بعده، وبسبب وجود الهمز، ينشأ ثلاثة أنواع من المدود، وهي:
أنواع المد الفرعي
1. المد المتصل
- ويشترط وجود همز بعد حرف المد في كلمة واحدة.
- مثل (مَاء، سَمَاء، أُولِيَاء).
- وحكمه، واجب المد بمقدار 4 أو 5 حركات، ويزيد إلى 6 حركات في الوقف إذا كانت الهمزة في آخر الكلمة.
2. المد المنفصل
- يشترط به وجود همز بعد حرف المد في كلمة أخرى.
- مثل (يَا أَيُّهَا، إِلَى أَنْ، قَالُوا إِن).
- يجوز مد 4 أو 5 حركات، أو قصره إلى حركتين.
3. مد البدل
- وجود همز قبل حرف المد في كلمة واحدة.
- مثل (ءَامَنُوا، إِيمَانًا، أُوتُوا).
- وحكمه، يمد حركتين كالمد الطبيعي.
4. المد العارض للسكون
- ويشترط وجود سكون عارض بسبب الوقف بعد حرف المد.
- مثل (العَالَمِينْ، الرَّحِيمْ).
- وحكمه، يجوز مده حركتين، أو 4 حركات، أو 6 حركات.
5. المد اللازم
- ويشترط وجود سكون لازم بعد حرف المد (سواء في كلمة أو حرف).
- مثل (الحَاقَّة، الضَّالِّين، الم).
- وحكمه، يجب مده 6 حركات.
ما هو الفرق بين حروف اللين وحروف المد؟
الفرق بين حروف المد وحروف اللين تتمثل في أنه:
- حروف المد
- هي الألف، والواو، والياء السواكن المتحرك ما قبلها بحركة مجانسة لها (الألف يسبقها فتح، والواو يسبقها ضم، والياء يسبقها كسر).
- تمد هذه الحروف بطبيعتها، وهي التي نستخدمها عند المد الطبيعي أو المدود الفرعية المختلفة، حيث يمكن إطالة الصوت بها لعدة حركات.
- حروف اللين
- هي الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلها، مثل؛ بَيت، خَوف.
- تتميز حروف اللين بأنها تُنطق بسهولة ولين من غير كلفة، ولا مد فيها، إلا في حالات خاصة مثل مد اللين العارض للسكون عند الوقف.
وفي الختام، فإن إتقان حروف المد في التجويد وأحكامه يعد من الأسس المهمة في علم التجويد، حيث يساعد على تحسين النطق وتجويد التلاوة وفقًا للقواعد الصحيحة.
ومن خلال فهم المد الطبيعي ومدودهِ المختلفة، يستطيع القارئ أن يقرأ القرآن الكريم بطريقة سليمة وصحيحة دون تكلف أو خطأ. لذا، من الضروري لكل مسلم يرغب في تحسين تلاوته أن يحرص على تعلم هذه القواعد وتطبيقها أثناء القراءة.