الفرق بين الزكاة والصدقة في الإسلام

١٢ مارس ٢٠٢٥
آيه أحمد
الفرق بين الزكاة والصدقة في الإسلام

يشتمل الدين الإسلامي على الكثير من الأحكام والتشريعات، التي تُنظم حياة المسلم وتُهذب نفسه، فيحيا في طاعة الله وأمنه وينال عظيم الأجر والثواب في الآخرة.

ومن بين هذه التشريعات أحكام الزكاة والصدقة، فكلاهما هو إخراج المسلم من ماله لغيره، ولكنه يختلف في الحكم والكيفية والمقصد.

لذا في هذا المقال، سنتعرف على تعريف كلا منها، وما هو الفرق بين الزكاة والصدقة بشئ من التفصيل.

الفرق بين الزكاة والصدقة في القرآن

يخلط الكثير من المسلمين بين الزكاة والصدقة، ظنا أنهما أعمال البر تقتصر على إخراج المال للمحتاجين، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما من حيث الحكم الشرعي، المستحقين، والتقيد بشروط سنتعرف عليه فيما يلي:

تعريف الزكاة 

تُعرف الزكاة بأنها حق مالي واجب في أموال محددة، تُعطى لفئات معينة، بينها الله تعالى في قوله:

"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖفَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة 60].

كما أن لها وقتًا محددًا لإخراجها، وهي ركن من أركان الإسلام، وفريضة على كل مسلم حر بالغ تتوفر فيه شروط أداؤها، وتركها إثم عظيم.

أما شروط وجوب الزكاة فهي؛ بلوغ المال أو الممتلكات النصاب وهو الحد الأدنى من المال الذي تجب عليه الزكاة، على أن يمر عليه عامًا هجريًا كاملًا ويكون مملوكًا لصاحبه ملكية تامة.

ويكون نصاب الزكاة على النحو التالي:

  • الذهب: 85 جرامًا تقريبا.
  • الفضة: 595 جرامًا تقريبا.
  • النقود: تُقدر بقيمة نصاب الذهب أو الفضة.
  • الأنعام: يختلف النصاب حسب النوع والعدد.
  • الزرع والثمار: خمسة أوسق، والوسق يعادل ستون صاعًا. 

تعريف الصدقة 

الصدقة هي ما يقدمه المسلم من ماله أو وقته أو جهده لمساعدة الآخرين ابتغاء مرضاة الله والتقرب منه. وهي أوسع من الزكاة، إذ لا تقتصر على المال فقط بل تشمل الملابس، الطعام، الوقت، المساعدة المعنوية وحتى الابتسامة في وجه الآخرين.

كما أن الصدقة ليس لها مقدار معين ولا مقيدة بفئات محددة، بل يمكن إعطاؤها للغني والفقير، وللمسلم وغير المسلم، وكذلك للزوجة والأقارب.

وقد ورد فضلها في القرآن الكريم في قوله تعالى "مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [البقرة 261].

وقد أوضح القرآن الفرق بين الزكاة والصدقة من خلال مواضع ذكرهما؛ إذا غالبًا ما وردت الزكاة مقترنة بالصلاة، مما يدل على فرضيتها. بينما ذُكرت الصدقات في عدة مواضع في القرآن تشير إلى استحبابها وعدم وجوبها، فهي من أفعال البر التطوعية التي يُثاب فاعلها ولا يأثم تاركها. 

هل يجوز الجمع بين الزكاة والصدقة

.نعم، يجوز للمسلم أن يجمع بين الزكاة والصدقة، بأن يقوم باحتساب المقدار الواجب إخراجه زكاة عما يملك ملكية تامة، عند استيفاء شروط وجوب الزكاة وهي بلوغ النصاب ومرور عام كامل، ثم يزيد عليه مقدارًا بنية الصدقة، وبذلك يكون قد جمع بين الزكاة والصدقة.

لكن لا يجوز للمسلم أن يُخرج زكاة ماله بنية الصدقة، ذلك لأن الزكاة فرض واجب وهي أحد أركان الإسلام، بينما الصدقة من الأعمال التطوعية المستحبة التي يقوم بها المسلم طاعة لله عز وجل، ولا تجزئ نية الصدقة عن أداء الفرض. لذلك، يجب على المسلم إخراج الزكاة في وقتها بمقدارها المعلوم للفئات التي حددها الله بنية الزكاة، امتثالا لأمر الله. 

وبهذا يمكن القول أن كل زكاة صدقة لكونها إنفاقًا في سبيل الله، لكن ليست كل صدقة زكاة. 

حكم الصدقة في الإسلام

الصدقة من فضائل الأعمال المستحبة التي لها فضل وثواب عظيم، كما ورد في قوله تعالى:

"وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" [سبأ:39].

وهي غير واجبة ولا يأثم تاركها، كما أنها غير مشروطة ويجوز أن تُعطى لأي شخص مهما كان.

فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: قالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يَدِ سَارِقٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى سَارِقٍ فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدَيْ زَانِيَةٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ علَى زَانِيَةٍ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، علَى زَانِيَةٍ؟ لَأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا في يَدَيْ غَنِيٍّ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى غَنِيٍّ، فَقالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ، علَى سَارِقٍ وعلَى زَانِيَةٍ وعلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فقِيلَ له: أَمَّا صَدَقَتُكَ علَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عن سَرِقَتِهِ، وأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عن زِنَاهَا، وأَمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فيُنْفِقُ ممَّا أَعْطَاهُ اللَّه"

فضل الصدقة في الإسلام

للصدقة فضائل عديدة تجعلها من أعظم القربات إلى الله، ومن فضلها:

  • الصدقة تطفئ غضب الرب وتقي المصائب والبلاء وتدفع ميتة السوء، كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • تبارك في المال وتزيد الرزق، كما في قوله تعالى: "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً" [البقرة:245].
  • وقاية من عذاب الله، قال رسول الله "اتقوا النار ولو بشق تمرة". 
  • المتصدق في الخفاء من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة.

في الختام، على المسلم أن يحرص على التعرف على كافة الأحكام الدينية فيما يخص الصدقة والزكاة، ويتزود من العلم الديني الذي ينتفع به في الدنيا والآخرة، وليعلم أن كل ما يُخرجه في سبيل الله من زكاة أو صدقة فإنه مأجور عليه وسيرى أثره الطيب في كل خطوة في حياته.

هل كنت تعرف الفرق بين الزكاة والصدقة من قبل؟

الأسئلة الشائعة

هل الصدقة تغني عن الزكاة؟

لا تُجزيء الصدقة عن الزكاة، لأن الزكاة فرض وواجبة.

هل الصدقة واجبة أم سنة؟

تُعد الصدقة من النوافل وهي مستحبة لكنها ليست من الفرائض.

هل أجر الزكاة كأجر الصدقة؟

لأن كلاهما يطفئ غضب الرحمن ويطهر النفس وينقيها، فإنه لا اختلاف في أجرهما.