التفقه في الدين هو المفتاح لفهم مراد الله من عباده، وهو دليل المسلم ليعبد ربه عن علم وبصيرة. في زمن كثرت فيه الفتن واختلطت المفاهيم، أصبح طلب العلم الشرعي والفقه في الدين حصنًا للمؤمن، ونورًا يهتدي به في طريقه إلى الله.
في هذا المقال، سنتعرّف على أهمية التفقه في الدين، وخطوات البدء فيه، والفضل العظيم الذي وعد الله به أهله، إلى جانب الفوائد العملية التي يتركها العلم الشرعي في حياة المسلم.
التفقه في الدين
إن التفقه في الدين الإسلامي هو ركيزة أساسية في بناء وعي المسلم، وبه تكتمل عبادته وتستقيم طاعته، فهو الطريق لإدراك الغاية من العبادة وفهم أوامر الله ونواهيه، كما قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" (الطور 56).
لذلك، من أراد أن يقترب من الله، ويسلك طريق الطاعة عن علم ويقين، فعليه أن يتعلم أحكام دينه. فالفقه هو مفتاح الفهم الصحيح، وهو من أفضل أنواع العبادة، فقد قال النبي صل الله عليه وسلم: "أفضل العبادة الفقه"، لأن الفقه يجعل المسلم يعبد الله عن وعي، ويعيش حياته وفق ما يُرضي الله.
أهمية التفقه في الدين
للتفقه في أمور الدين الإسلامي أهمية عظيمة تظهر في كل جانب من جوانب حياة المسلم. ومن أبرز هذه الأهميات:
- كمال الدين وحسن العبادة، فلا تصح العبادة ولا تكتمل إلا بالعلم، والتفقه هو ما يجعل المسلم يعرف كيف يعبد الله كما يحب ويرضى.
- الجمع بين العلم والعمل، فالتفقه في الدين لا يعني الحفظ فقط، بل هو فهم للأحكام الشرعية وتطبيقها في الحياة اليومية.
- دعامة للدين وروح للعبادة، الفقه يعطي العبادة معناها، ويجعلها قائمة على وعي، لا مجرد عادة.
- تمكين المسلم من الدعوة إذ يقدر المسلم المتفقه على فهم الأحكام، والإجابة عن الأسئلة، وتوجيه غيره بالحكمة والعلم، فيكون سببًا في نشر الخير.
فوائد التفقه في الدين
- من أهم أسباب دخول المسلم الجنة، لأنه يورث الخشية من الله سبحانه وتعالى.
- يرفع صاحبه إلى الدرجات العليا والمقام المحمود.
- النهي عن الظلم والغرور والربا، والعمل بحدود الله سبحانه وتعالى والابتعاد عن نواهيه، كما يساهم في انشراح القلب وطمأنينة البال، وعصمة المسلم في ماله ودمه.
- يمنح المسلم بصيرة في التعامل مع الناس.
- يعين على تربية الأبناء تربية دينية صحيحة.
- يحصن المسلم من البدع والخرافات.
فضل التفقه في الدين
التفقه في أمور الدين الإسلامي له فضل عظيم، فهو طريق العلم الذي يرفع الله به من يشاء، والعلماء الذين يسلكون هذا الطريق هم ورثة الأنبياء.
فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: "إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر."
وهذا يدل على أن أشرف ميراث في الإسلام هو العلم النافع، لا المال ولا الجاه، لأنه هو الذي ينير القلب، ويقود صاحبه إلى العمل الصالح، ويجعله سببًا لهداية غيره
كما يساعد التفقه على شرح الصدور للحق، وإضاءة العقول، وتسديد الألسنة، وإصلاح العباد والبلاد، ويفوز طالب العلم بالنجاح والرفعة في الدنيا والآخرة، كما في قول الله تعالى "يَرفَعِ اللَّهُ الَّذين آمنوا مِنكُم والَّذين أوتوا العِلمَ دَرَجَاتٍ". (المجادلة 11).
خطوات التفقه في الدين
- أول خطوة من تفقه المسلم في أمور دينه، وهي إخلاص النية لله سبحانه وتعالى في طلب العلم، وهو ما يؤكد عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من تعلّم علمًا مما يُبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلّمه إلا ليُصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة، يعني ريحها".
- الخطوة الثانية في التفقه هي تقوى الله سبحانه وتعالى في جميع الأمور.
- تعلم كتاب الله، حفظًا وتفسيرًا وفهمًا. فمن فهم القرآن، سهل عليه فهم باقي العلوم، لأن كل فروع الشريعة تعود إليه.
- بينما الخطوات العملية للتفقه في الدين ينبغي أن يتدرج فيها الطالب من السهل إلى الصعب، ومن الأهم إلى المهم، وكذلك البدء بالمختصرات ثم التطرق إلى المطولات.
- ضرورة مصاحبة شيخ عالم أو صديق مجتهد حتى يعينه على الطريق الذي يرغب في سلوكه.
- أهم ما ينبغي أن يتحلى به طالب العلم هو الصبر والمثابرة.
- من وسائل التفقه العملية أيضًا، الالتحاق بالمجالس والدورات المعنية بتعليم كتاب الله وفهمه، مثل مقرأة سنا، التي تقدم دورات في التجويد، وحلقات لتحفيظ القرآن، وتصحيح التلاوة، وهي كلها خطوات أساسية لكل من أراد أن يتفقه في دينه، لأن الفقه يبدأ من القرآن، ويُبنى عليه.