احكام الوقف والابتداء

٢٤ مارس ٢٠٢٥
آيه أحمد
اكتشف كيف تحسن تلاوتك مع  احكام الوقف والابتداء

تلاوة القرآن الكريم علم دقيق يقوم على مراعاة أحكام التجويد والوقف والابتداء، لما لها من أثرٍ كبير في إيصال المعنى الصحيح لكلام الله تعالى. 

ومن أهم أحكام التجويد التي يجب تعلمها وفهمها لكل من يسعى إلى قراءة القرآن قراءةً سليمةً متقنةً هي أحكام الوقف والابتداء، فهي مفتاحٌ لفهم المعاني وإدراك الإعجاز البلاغي في كتاب الله.

 في هذا الموضوع، سنتناول أنواع الوقف والابتداء المختلفة، ونوضح متى يكون الابتداء حسنًا أو قبيحًا، مع أمثلة تطبيقية تساعد على إتقانها.


احكام الوقف والابتداء وأنواعهم

الوقف هو قطع الصوت عن الكلمة لفترة قصيرة بنية استئناف القراءة، ويُعد الوقف في القرآن الكريم من القواعد الأساسية التي تساعد في تحسين التلاوة، وفهم المعاني بدقة، وتجنب اللبس في الفهم، فقد أمرنا الله بترتيل القرآن، كما قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]. 

والوقف يُمكن القارئ من التدبر الصحيح لكلام الله، حيث يؤدي إلى الوقوف عند المعاني المناسبة، ثم الاستئناف بما يُكمل السياق دون إخلال بالمعنى.

وينقسم الوقف إلى أنواع متعددة، ولكل نوع قواعده ودلالاته التي توضح متى يكون الوقف جائزًا أو غير جائز، وفهم هذه الأنواع يساعد القارئ على تلاوة القرآن بطريقة سليمة، وفق القواعد التي وضعها علماء التجويد. 


أنواع الوقف وأحكامه

الوقف الاختباري

  • يتم طلبه من القارئ للاختبار، مثل بيان المقطوع والموصول والثابت والمحذوف من الحروف.
  • وحكمه جائز بشرط إعادة وصل الكلمة بما بعدها إذا كان الابتداء بها غير مناسب.

الوقف الاضطراري

  • يحدث بسبب العطاس أو ضيق النفس أو النسيان.
  • يجوز على أي كلمة حتى لو لم يكتمل المعنى، لكن يجب إعادة القراءة من موضع مناسب.

الوقف الاختياري

يحدث بإرادة القارئ، وله أربعة أنواع:

  • الوقف التام: يكون عند انتهاء المعنى بالكامل ولا يتعلق بما بعده لفظًا ولا معنى، مثل الوقف على "مالك يوم الدين" (الفاتحة: 4)، ويجوز الوقف عليه، ويُستحب الابتداء بما بعده.
  • الوقف الكافي: يتعلق بما بعده معنويًا فقط، لكنه ليس مرتبطًا به لفظيًا. ويجوز الوقف عليه لكن يفضل الوصل لإكمال المعنى مثل؛ الوقف عند "ذَلِكَ الِكتابُ لا رَيْبَ فيه" ثم الابتداء بـ "هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" [البقرة 2].
  • الوقف الحسن: هو الوقف على كلمة تدل على معنى مفهوم، لكنه يحتاج لما بعده للإيضاح. وحكمه يجوز الوقف عليه، لكن يفضل الوصل لتحسين الفهم. مثل؛ الوقوف في سورة الفاتحة عند "الرحمن الرحيم". 
  • الوقف القبيح: يكون عند موضع يفسد المعنى، ولا يجوز الوقف عليه إلا للضرورة، مثل الوقف عند "فويل للمصلين" دون إكمال الآية التالية "الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون: 4-5].

أنواع الابتداء 

يُعد الابتداء في القرآن الكريم من القواعد المهمة التي تُعين القارئ على تحسين التلاوة، وفهم المعاني، وإيصالها دون لبس أو تحريف.

فالابتداء الحسن يُمَكِّن القارئ من استئناف القراءة من مواضع صحيحة، بينما قد يؤدي الابتداء الخاطئ إلى تغيير المعنى أو إفساده.

 والتمييز بين هذه الأنواع ضروري لكل من يسعى إلى تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة وفق ما جاء به العلماء، مستندًا إلى قواعد التجويد، وإليك أهم أنواع الابتداء وأحكامها:

1. الابتداء الحسن (الجائز)

يكون عندما يبدأ القارئ من موضع مناسب بعد وقف صحيح، بحيث لا يتغير المعنى المراد من الآية، ويحدث في الحالات التالية:

  • بعد وقف تام
  •  أي عندما يكون الوقف على كلام تام المعنى وغير مرتبط لفظيًا أو معنويًا بما بعده.
  • مثال :الوقف على "ٱلرَّحِيمِ" في قوله تعالى: {بِسمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ 1 ٱلحمدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلعَٰلَمِينَ 2} (الفاتحة).
  • هنا يجوز الابتداء بـ "الحمد" لأنه بداية معنى مستقل.
  • بعد وقف كافٍ
  •  أي عندما يكون الوقف على كلام يُفهم معناه ولكنه متعلق بما بعده من ناحية المعنى فقط، دون الارتباط اللفظي.
  • مثال: الوقف على "رَّبّهِم" في قوله تعالى {أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدى مِّن رَّبِّهِم وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ} (البقرة: 5).
  • هنا يجوز الابتداء بـ "وَأُوْلَٰٓئِكَ".
  • بعد وقف حسن (بشرط أن يكون على رأس آية)
  • أي عندما يكون الوقف على كلام مفهوم المعنى لكنه مرتبط بما بعده لفظيًا ومعنويًا.
  • مثال: الوقف على "ٱلعَٰلَمِين" في قوله تعالى {ٱلحمدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلعَٰلَمِين 2 ٱلرَّحمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (الفاتحة: 2-3).
  • هنا يجوز الابتداء بـ "الرحمن" لأنها بداية جديدة بعد وقف حسن.


2. الابتداء القبيح (غير الجائز)

يكون عند البدء من موضع غير مناسب بحيث يتغير المعنى أو يُفهم بشكل خاطئ، ويحدث في الحالات التالية:

  • بعد وقف حسن (ولكن ليس على رأس آية)
  • أي إذا توقف القارئ في موضع حسن لكنه ابتدأ من كلمة لا تستقل بالمعنى.
  • مثال: الوقف على "لِلَّهِ" في قوله تعالى {ٱلحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلعَٰلَمِين} (الفاتحة: 2).
  • لا يجوز الابتداء بـ "رَبِّ"، لأنه مرتبط لفظيًا بـ "لِلَّهِ".
  • بعد وقف قبيح
  • أي عندما يقف القارئ على موضع يخل بالمعنى، ثم يبدأ من كلمة لا تؤدي معنى مستقلًا.
  • مثال: الوقف على "رَبِّ" في قوله تعالى {ٱلحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلعَٰلَمِين} (الفاتحة: 2).
  • لا يجوز الابتداء بـ "ٱلعَٰلَمِينَ" لأن "رَبِّ" متعلقة بها لفظيًا.


بهذا يتضح أن احكام الوقف والابتداء في القرآن الكريم هي القواعد الخاصة بأماكن التوقف أثناء تلاوة القرآن، وكيفية البدء بعد ذلك، وذلك لضمان فهم صحيح للمعنى وعدم الوقوع في الخطأ أو التحرير. وهذه الأحكام تُعتبر جزءًا من علم التجويد، وهي مهمة لتحقيق التلاوة الصحيحة للقرآن الكريم.


قواعد الوقف والابتداء

هناك العديد من القواعد التي يجب مراعاتها في الوقف والابتداء عند تلاوة القرآن الكريم، وهي:

  1. عدم الوقف على ما يغير المعنى أو يفسده: أي الوقف في مواضع واضحة ومفهومة ولا تؤدي إلى تغيير المعنى المقصود، مثلا لا يجوز الوقف عند "لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ" دون إكمال وأنتم سُكَارَى. 
  2. عدم الفصل بين المتلازمات اللغوية: تجنب الوقف على أجزاء مرتبطة نحويا مثل المبتدأ والخبر، الفعل ومفعوله، الصفة والموصوف فذلك يخل بالمعنى، مثل "إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ والنَّوَى" فلا يجوز الوقف عند كلمة اللَّه.
  3. الوقف على رأس الآية سنة: من السنة الوقوف عند نهاية كل آية كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو كان هناك ارتباط معنوي بين الآية والتي تليها.
  4. تجنب الوقف على الضمائر المتصلة : لأنها لا تُفهم وحدها، مثل الوقف على "إنّا أعطيناكَ".
  5. الالتزام بعلامات الوقف في المصحف:
  • (مـ) تدل على وجوب الوقف، حيث يُلزم القارئ بالتوقف وعدم الوصل، وهذا ما يُعرف بـ"الوقف اللازم".
  • (لا) تشير إلى النهي عن الوقف عندها، كما تمنع البدء بالكلمة التي تليها.
  • (صلي) تعني أن الوصل أولى، لكن يجوز الوقف.
  • (قلي) الوقف أولى، لكن يمكن الوصل.
  • (ج) وقف جائز 

لذلك، ينبغي على القارئ مراعاة هذه القواعد لضمان صحة التلاوة، مع العلم أنه لا يوجد وقف واجب أو حرام إلا إذا أفسد المعنى. 


وفي الختام يمكننا القول أنَّ إتقان احكام الوقف والابتداء في تلاوة القرآن الكريم ليس مجرد مهارة، بل هو بابٌ لفهم أعمق لمعاني كلام الله عز وجل، وأداةٌ للحفاظ على جمال التلاوة ودقة الأداء، فالوقف الحسن يعين على التدبر، والابتداء السليم يمنح الآيات وضوحها وتأثيرها البالغ.

وتعلم هذه الأحكام والقواعد بإتقان يحتاج إلى توجيه وتدريب مستمر تحت إشراف معلمين متقنين، وفي مقرأة سنا نقدم دورات متخصصة في تعليم القرآن بأحكام التجويد وتحسين التلاوة للأطفال والكبار.

سجل الأن في دورات المقرأة، وابدأ أولى خطواتك نحو تلاوة أكثر تدبرًا وخشوعًا.