الصلاة في القرآن الكريم: مفهومها وفضلها

٤ يناير ٢٠٢٥
Hadeer
الصلاة في القرآن الكريم

الصلاة في القرآن الكريم فُرِضت لكي تخبرك أمرًا مهمًا جدًا، ألا هو معرفتك بالله وقربك له ووقارك منه، وكوننا بشر فإن الحياة دائمًا قد تؤلمنا وتمتحننا بالكثير من الأمور، إذ تكون الصلاة بمثابة العلاج الذي يداوينا من كل الهموم، والتي فيها تكون أمام خالقك تتحدث معه ـ وتوضح له أى أمر يقلقك وهو يعطيك الطمأنينة والأمان وترى أن كل الأمور تيسرت بشكل غريب.


كما أن الصلاة هي عماد الدين، وأحد أهم أركان الإسلام التي لا يستقيم دين المسلم دونها، كما وردت الصلاة في القرآن الكريم كعبادة عظيمة تربط العبد بربه وتغذّي روحه بالإيمان والخشوع، وفي هذا المقال، سنتناول موضوع الصلاة من منظور القرآن الكريم، ونستعرض مفهومها، مشروعيتها، وبعض الآيات التي ذكرت الصلاة.


آيات الصلاة في القرآن الكريم

ورد ذكر الصلاة في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، حيث تم التأكيد على أهميتها وفرضيتها، وأحكامها حتى يفهم المسلم ما عليه من فريضة الصلاة وأنها العماد الأساس بعد الشهادة، ليستطيع أن يكون بينه وبين ربه عهد يوم القيامة لدخوله الجنة فقال الله تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" (البقرة: 43).


وقد كرّر الله عز وجل الأمر بإقامة الصلاة في مختلف السور القرآنية، مما يدل على مكانتها العالية، كما بيّن سبحانه أن الصلاة ليست مجرد أداء حركات، بل هي وسيلة للتقرب إلى الله والاستعانة به في الشدائد، كما قال تعالى :"وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" (البقرة: 45).


والصلاة ذكرت بشكل كثير في القرآن ما يخبرك أمرًا مهمًا، وهو أن الشيطان رفض السجود لآدم فكانت عاقبته النار، فكيف أنت أيها البشر الضعيف لا تسجد لربك وخالقك الذي يطعمك ويسقيك ويعطيك من فضله، ولأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وضحت أهمية الصلاة وأنها فرض واجب على كل مسلم. 


أكدت أيضًا أركانها وطريقة الصلاة والوضوء والطهارة والأحكام، ولكن الاختلاف هنا فيمن لا يصلي فقد ذهب عدد من العلماء بكفره بأحاديث صحيحة توضح ذلك، بينما ذهب آخرون إلى أنه مسلم عاصي، وعليك أن تعي جيدًا أن الإسلام لا يكتمل بدون أساسيات، والتي بدايتها الصلاة الواجبة على كل مسلم بالغ عاقل من ذكر أو أنثى.


هل ذكرت كيفية الصلاة في القرآن الكريم؟

على الرغم من ذكر الصلاة في القرآن الكريم بتفصيل مكانتها وأهميتها، إلا أن الكيفية التفصيلية لأدائها لم ترد في الآيات، مما وضحها لنا النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أوكل الله عز وجل هذا الأمر إلى النبي محمد ﷺ ليعلم المسلمين كيفية أداء الصلاة، كما في قوله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر: 7).


وقد بيّن النبي ﷺ تفاصيل الصلاة من حيث عدد الركعات، الأوقات، والأذكار في الأحاديث النبوية، وقال: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (صحيح البخاري).


لذا علينا أن نفهم من القرآن بأهمية الصلاة وفرضيتها وأنها طريق العبادة والتقرب إلى الله، حتى أنك لا تكن مقيدًا بخمسة فروض فحسب، بل الخمسة فروض اليومية هم أساس عبادة كل مسلم ولكن من الممكن أن تزيد في السنن والتي تكون قبل الصلوات وبعدها، أو أن تصلي ركعتين لله وقتما شئت للتقرب من الله عز وجل والتحدث معه.


مفهوم الصلاة في القرآن الكريم

الصلاة في القرآن الكريم ليست مجرد طقوس أو أداء حركات جسدية، بل هي عبادة شاملة تشمل الخشوع، الذكر، والدعاء، فقال الله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ" (المؤمنون: 1-2).


فالخشوع هو جوهر الصلاة كما أنه مصدر الطمأنينة التي تبحث عنها بعد كل فرض، ومدى استعانتك بقوى داخلية طاهرة تستطيع معها التدبر ومعرفة الحياة بأنها زائلة والباقي لك هو صلاتك وعملك، كما أن أول ما تسأل عنه يوم القيامة الصلاة، وأسوأ عقاب قد يتعرض له تارك الصلاة عندما ينزل الى قبره. 


لذا الخشوع هو ما يميز صلاتك كوسيلة للتواصل مع الله، كما أن الصلاة تعكس حالة من الطهارة الروحية والجسدية، وتحفز المسلم على الالتزام بالطاعة وترك المعاصي، كما قال الله: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ" (العنكبوت: 45).


فصلاتك سوف تعينك إلى الطريق المستقيم ولكن التي تكون بخشوع وقلب متدبر لكلام الله ويعي ما يفعله ويخاف ويستحي منه، وليس الذي يؤديها بحركات سريعة لينتهي منها سريعًا، لذا احرص على صلاتك بكل خشوع فهي درجات ومن الممكن أن تُقبل أو تُرفض.


ما هي الآية المؤثرة عن الصلاة في القرآن؟

من أكثر الآيات المؤثرة عن الصلاة قوله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" (البقرة: 238).


هذه الآية تؤكد ضرورة الالتزام بجميع الصلوات، مع الإشارة إلى أهمية الصلاة الوسطى، التي ذهب العلماء إلى أنها صلاة العصر، وهي دعوة للمحافظة على الصلاة في كل الأوقات، وأن يقف المسلم بين يدي ربه خاشعاً قانتاً، مما يعكس الأثر الكبير للصلاة على حياة المؤمن.


مشروعية الصلاة من الكتاب والسنة

الصلاة مشروعة بأمر الله سبحانه وتعالى، حيث فرضت في ليلة الإسراء والمعراج، وهي مذكورة في العديد من الآيات القرآنية. قال الله تعالى:"إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي" (طه: 14).


ومن السنة النبوية، نجد أن النبي ﷺ أكّد على أهمية الصلاة كأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، حيث قال: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ" (سنن الترمذي).


كما أن النبي ﷺ أمر بإقامة الصلاة في كل الظروف، حتى في أوقات الخوف والحرب، مما يدل على أن الصلاة لا تسقط عن المسلم مهما كانت الظروف.


كما حرص النبي على أن نتبع سنته سواء بالسنة المؤكدة والتي تكون قبل الفرض أو السنة غير المؤكدة والتي كان النبي يفعلها تارة ووقت آخر يتركها، لذا استعن بالله فأنت ليس أمام رأي تأخذ به أو تتركه فهو أمر لا يوجد به نقاش ألا وهو وجوب وفرضية الصلاة خمس فروض أساسية من الله على المسلمين.


وكلما ازددت في الصلاة وذلك بالإكثار من صلاة التطوع والسنن  مثل دخول المسجد أو قيام الليل وركعتي الشفع والوتر، كلما كنت أكثر تقربًا لله، وكان الله دائمًا معك وبجوارك ويعطيك من الحكمة والطمأنينة التي من المستحيل أن تراها في حياتك السابقة التي كانت بدون الصلاة.


وأخيرًا بعد أن تحدثنا بشكل مستفيض عن الصلاة في القرآن الكريم، فإننا في هذا المقال نحثك أن لا تترك فرضًا أبدا لأنه لا يسقط، وأبدأ مع الله من جديد بنية جديدة على أن لا تترك فرضًا أو تأخره وتقرب دائما من الله، فهو المعين لك عليها واصبر دائما عليها وعلى الخيرات والثمرات التي سوف تحصدها منها إذا التزمت عليها.


اقرأ أيضا عن: الآيات المتشابهات في القرآن


كما أن الصلاة هي صلة العبد بربه، وهي العبادة التي تميز المؤمن عن غيره، بفضلها يجد المسلم السكينة والطمأنينة في قلبه، ويجدد عهده مع الله خمس مرات في اليوم. لذا، يجب علينا أن نولي الصلاة اهتماماً كبيراً، وأن نحافظ عليها بأوقاتها، وأركانها، وخشوعها، لأنها عماد الدين وأساس القرب من الله سبحانه وتعالى.