القرآن الكريم هو كتاب الهداية والرحمة، ودستورٌ ينير درب المؤمنين في حياتهم، غير أن أهل القرآن ليسوا فقط من يُتمّون تلاوته، بل من يتخلقون بأخلاقه ويلتزمون بآدابه في أقوالهم وأفعالهم.
أخلاق أهل القرآن هي مجموعة من المبادئ السامية وهي ليست فضائل نظرية بل، سلوك عملي يعكس مدى تأثير القرآن في النفس وتطبيق مبادئه في السلوكيات والتعامل مع الناس.
في هذا الموضوع، نستعرض بعضًا من هذه الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها كل من يريد أن يكون من أهل القرآن حقًا.
من هم أهل القرآن۔۔هل هم أهل الله!
نعم، فقد ورد عن النبي ﷺ في الحديث الشريف: "إن لله من الناس أهلين"، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته" (رواه ابن ماجه).
وكما تَبين أن أهل القرآن هم من اختصهم الله بالقرب منه، وجعل لهم منزلة رفيعة في الدنيا والآخرة، وأنهم يرتقون في درجات الجنة بحسب حفظهم وتلاوتهم وتدبرهم.
وقال تعالى "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته…" أي يتبعون ما جاء فيه؛ ينفذوا أوامره ويبتعدوا عن ما نهى.
وقد شرح الإمام الآجُرّي -رحمه الله- حال المؤمن الحق إذا تلا القرآن فقال:إن المؤمن العاقل إذا قرأ القرآن، جعل منه مرآةً يراجع بها نفسه، فيرى فيها ما كان من عمله حسنًا فيثبته، وما كان قبيحًا فيُقلع عنه.
ويتنامى ارتباط الإنسان بالتفاعل مع القرآن حتى يغدو جزءًا لا يتجزأ من حياته اليومية. فإن خُوّف في القرآن من عذاب الله، خاف، وإن وُعِد برحمته، رجاها، فتكون تلاوته سببًا في إصلاح قلبه وسلوكه. فمن كان هذا حاله أو قريبًا منه، فقد تلا القرآن تلاوةً حقيقية، وحافظ عليه حفظًا نافعًا.
لذا، من أراد أن يكون من "أهل الله وخاصته"، ويتحلى بصفات أهل القرآن، فليجعل القرآن منهجًا لحياته، يتلوه بتدبر، ويعمل بأوامره، ويجتنب نواهيه، ويجعل قلبه يتأثر به كما يتأثر بمرآة تكشف عيوبه ليُصلحها، كي يتحلى بأخلاق أهل القرآن۔
ما هي أخلاق أهل القرآن
ومن هنا يأتي السؤال كيف يكون خلق أهل القرآن؟ أخلاق أهل القرآن ليست وصفًا نظريًا، بل منهج حياة يُطبّق ويُعاش، ومن حققها فقد تخلق بالقرآن، وكان من أهل الله وخاصته في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله ﷺ: "أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته"
وهذا الشرف لا يُنال بمجرد التلاوة أو الحفظ، بل بتطبيق أخلاق القرآن في النفس والسلوك.
أخلاق حامل القرآن الكريم مع نفسه
1- تقوى الله والورع
حامل القرآن يتقي الله سرًا وعلانية، يراقب الله في مطعمه، ومشربه، ومكسبه، ولا يتساهل في الحرام أو الشبهات.
2- ضبط اللسان
لا يتكلم إلا بعلم، ويختار الصمت متى كان أولى، قليل الخوض فيما لا يعنيه، يخشى من شر لسانه كما يخشى من العدو.
3- اتباع القرآن والسنة
يجعل القرآن والسنة دليله في كل أموره، مجتهدًا في كف جوارحه عن المحرمات، حليمًا عند الغضب، عفوًا عند الظلم، صبورًا عند الابتلاء.
5- الزهد والتواضع
لا يطلب الشهرة ولا يتأكّل بالقرآن، لا يُجالس الأغنياء لأجل الدنيا، يطلب الرفعة عند الله، ويُبغض الكبر والتعالي.
ثانيًا: أخلاق حامل القرآن الكريم مع والديه والمجالسين له
1- بر الوالدين
يخفض لهما الجناح، ويلين لهما القول، وينظر إليهما بعين الرحمة، ويبذل لهما ماله وحُسن خُلقه.
2- صلة الرحم وحُسن العشرة
يصل من قطعه، ويعفو عمّن ظلمه، صبور، متواضع، محبوب في مجلسه، ومجالسته تبعث الطمأنينة وتفيض علمًا وخيرًا.
3- طلب العلم والعمل به
لا يتكبر في طلب العلم، يتأدب بالقرآن ويتفقه في الدين، ولو قلّ ماله فهو غنيٌّ بالعلم واليقين. ولا يفوته تدبر مواعظ وفوائد قصص القرآن التي تهذب النفس وتربّي القلب.
4- الرضا والقناعة
لا ينافس الناس في دنياهم، يرضى بما قسم الله له، فإن وسّع الله عليه شكر، وإن ضيّق صبر، قنوع بما يسد حاجته ويصونه عن الحرام.
وفي نهاية حديثنا نؤكد إن أخلاق أهل القرآن ليست مجرد مفاهيم نظرية، بل هي سلوكيات يومية يجب أن تتجسد في حياتنا. من يقرأ القرآن ويتدبر معانيه، يلتزم بما فيه من أوامره، ويتجنب نواهيه، ويعيش بتواضع ورحمة.
فلنحرص جميعًا على أن نكون من أهل القرآن، نقتدي بأخلاقه في كل تعاملاتنا، لنفوز برضى الله في الدنيا والآخرة.
ابدئي خطواتك لتكونِ من أهل القرآن، وانضمي إلينا في حلقات القرآن الكريم على مقرأة سنا، حيث التعلم المتقن، والتلاوة الصحيحة، والصحبة الصالحة التي تعينك على الثبات والاستمرار. اختاري ما يناسبك من حلقات الحفظ أو حلقات تصحيح التلاوة بمواعيد مرنة طوال اليوم، نحن في انتظارك.
الأسئلة الشائعة
كيف يصبح الشخص من أهل القرآن؟
مصاحبة القرآن الكريم تتحقق بالاستمرار في تلاوته، والتمسك بتعاليمه، والسعي إلى حفظه وتدبر معانيه؛ فهو أعظم رفيق، وأفضل أنيس.
ما هي كرامات أهل القرآن؟
إن حفظ القرآن الكريم عبادة عظيمة يُبتغى بها وجه الله تعالى ونيل الأجر في الآخرة، ومن كانت نيته غير ذلك، فلن يُؤجر بل قد يُعاقب على صرفه هذه العبادة لغير الله.
لذا، ينبغي على من يحفظ كتاب الله أن يُخلص النية لله وحده، وألا يجعل من حفظه وسيلة لجني مكاسب دنيوية، فحفظ القرآن ليس تجارة دنيوية، وإنما عبادة يُتقرب بها إلى الله عز وجل.