حظيت اللغة العربية بمكانة رفيعة بين اللغات بكونها لغة القرآن الكريم، فهي ليست مجرد وسيلة تواصل إنما هي جسر لفهم كلام الله واستيعاب تعاليم الإسلام.
كما تتميز اللغة العربية بثراء مفرداتها ودقة تراكيبها وبحر كلماتها الفياض، مما يجعلها من أدق اللغات القادرة على التعبير وشرح المعاني بدقة ووضوح. في هذا المقال سنسلط الضوء على فضل اللغة العربية وأهميتها عبر العصور.
فضل اللغة العربية وأهميتها على مدار العصور
إن للغة العربية مكانة لا يُستهان بها منذ قديم الزمن، ولم تقتصر أهميتها على كونها لغة الوحي الإلهي، بل امتدت لتصبح لغة التشريع الإسلامي، فلا يمكن فهم الكتاب والسنة دون الإلمام بها.
كما أنها كانت على مدى العصور لغة الشعر والأدب بفروعه المتنوعة لبلاغتها وتعدد معانيها، وقد أثرت في لغات عدة مثل الفارسية والتركية، وهذا يعكس مدى عمقها وتأثيرها الثقافي.
إلى جانب ذلك، ازدادت مكانة اللغة العربية بعد انتشار الإسلام وتوسعه خارج حدود الجزيرة العربية، فصارت لغة السياسة والحكم.
علاوة على ذلك، تتميز اللغة العربية بخصائصها الفريدة التي تمحنها عمقًا ومرونة، حيث تتيح قواعد النحو والصرف صياغة تراكيب لغوية متقنة بدقة كبيرة تعجز عنها العديد من اللغات الأخرى. كما أن إيقاعها الفريد يُسهم في إيصال المعنى والتعبير عن المشاعر بمرادفات تلمس الوجدان.
أهمية اللغة العربية في العصر الحديث
تعد اللغة العربية رمزًا قويًا للهوية والثقافة العربية والإسلامية، وأداة أساسية للتواصل بين الشعوب الناطقة بها. فاللغة العربية يتحدث بها ما يزيد عن 500 مليون شخص حول العالم، وهي اللغة الرسمية في حوالي 25 دولة.
برغم التطور التكنولوجي وشيوع استخدام اللغات الأجنبية، لا تزال اللغة العربية تحافظ على مكانتها كواحدة من أهم اللغات في العالم.
إلى جانب دورها في الحفاظ على التراث الإسلامي والتاريخي والعلوم الثقافية، تظل العربية لغة أساسية للأدب الحديث ومجالات البحث العلمي.
علاوة على ذلك، أصبحت اللغة العربية ضرورية في مجالات الإعلام والسياحة وحتى في العالم الرقمي، مما يؤكد على مرونتها وقدرتها على مواكبة التطور.
اللغة العربية في القرآن الكريم
حظيت اللغة العربية بشرف عظيم حين اختارها الله تعالى لتكون لغة الكتاب المبين، كما وردت في عدة مواضع في القرآن الكريم منها:
- "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" سورة يوسف
- "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ" الآية الرابعة والأربعين من سورة فصلت.
- "قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْـحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّـمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِين" الآيتين رقم 102 و103 من سورة النحل.
- "وَإنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْـمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ" سورة الشعراء الآيات من 192 إلى 196.
- "وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا وَاق" الآية السابعة والثلاثين من سورة الرعد.
أحاديث في فضل اللغة العربية
تتجلى عظمة اللغة العربية في كونها لغة القرآن الكريم أقوال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث ذكرها في عدة أحاديث مشيرًا إلى أهميتها البالغة، ومنها:
"عن عبدِ اللهِ بنِ مسلمِ الحضرميِّ أنَّهُ كان لهم عبدانِ من أهلِ غيرِ اليمنِ وكانا طفلينِ وكانا يقالُ لأحدِهما يَسارٌ والآخرُ جَبرٌ فكانا يقرآنِ التوراةَ وكان رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وعلى آلهِ وسلَّمَ ربما جلسَ إليهما, فقال كفارُ قريشٍ : إنَّما يجلسُ إليهما يتعلمُ منهما, فأنزلَ اللهُ سبحانه وتعالى : لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ".
كما تحدث الكثير من الصحابة والسلف الصالح عن أهمية اللغة العربية وضروة تعلمها، بل ذكرها كثير من الصحابة والسلف الصالح في دعوة لتعلمها، ومن بعض هذه الأقواال قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ، وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ" كما قال: "أمّا بَعْدُ فَتَفَقَّهُوا فِي السُّنَّةِ، وَتَفَقَّهُوا فِـي الْعَرَبِيَّةِ، وَأَعْرِبُوا القرآن فَإِنَّهُ عَرَبِيٌ".
وذكرها الإمام الشافعي رحمه الله فقال: "اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد، صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى".
كذلك قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: " إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغًا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به، لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، وصارت معرفته من الدين، وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله، وأقرب إلى إقامة شعائر الدين، وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم".
فضل تعليم اللغة العربية
تعليم اللغة العربية له فضل عظيم، سواء من الناحية الدينية أو الثقافية أو العلمية. فتعلم العربية ليس مجرد إتقان مهارة لغوية، بل هو وسيلة أساسية لفهم الشريعة الإسلامية والعلوم الدينية.
ومن أهم فوائد تعليم اللغة العربية:
- فهم القرآن الكريم وتدبر آياته وأحكامه بجانب سهولة حفظه.
- الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للمسلمين والعرب.
- إثراء مهارات التفكير والتعبير والتواصل.
- فتح آفاق واسعة في مجالات البحث العلمي.
تمثل اللغة العربية أحد أعمدة الهوية الإسلامية والعربية، وستظل هي اللغة الأقوى، والأكثر فصاحة وكرمًا بين سائر لغات العالم قديمًا وحديثًا، فهي لغة القرآن الكريم وما أعظم من ذلك تفضيلًا.
لذا، فإن تعلم العربية وإتقانها للكبار والصغار ليس مجرد خيار بل هو ضرورة لا بد منها، فلا تبخل على ذاتك بالتعمق في مرادفاتها ومفرداتها لتتأمل وتدرك أن حرفًا واحدًا منها يمكنه أن يكون عالمًا بمفرده يضاهي لغة بأكملها.
 
                 
                  