الفقير والمسكين من المصطلحات التي يعتقد الكثير أنهما مترادفان، فعلى الرغم من تشابه الفقير والمسكين في الاحتياج للمساعدة إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما، من حيث التعريف، المستوى المعيشي، وأحكام الزكاة لكل منهما.
في هذا المقال، سنتعرف على الفرق بين الفقير والمسكين، والفرق بينهما وبين المحتاج.
تعريف الفقير والمسكين
يختلف تعريف الفقير عن المسكين لغويًا واصطلاحًا، كما يلي:
تعريف المسكين لغة واصطلاحًا
المسكين في اللغة مأخوذ من السكون، أي الضعف وقلة الحيلة، ويُطلق على من يعاني ضيق العيش لكنه لا يُظهر حاجته للناس.
أما اصطلاحًا، فقد عرفه العلماء بأنه الشخص الذي يمتلك بعض وسائل العيش لكنه لا يستطيع تلبية كل احتياجاته الأساسية أو توفير احتياجات من يعول، فيظل في حاجة إلى المساعدة والدعم. وقد ورد ذكر المسكين في القرآن الكريم في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: "أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُوَن فِي الْبَحْر" (الكهف: 79)، وهذه الآية توضح أن المسكين قد يكون له مصدر رزق لكنه محدود وغير كافٍ لتلبية احتياجاته.
تعريف الفقير لغة واصطلاحًا
الفقير لغةً مشتق من الفقر وهو الحاجة والعوز، واصطلاحا يُعرف الفقير بأنه الشخص الغير قادر على توفير الحد الأدنى من ضروريات الحياة، ومن لا يجد كفايته من المال أو الموارد لتلبية احتياجاته الأساسية كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن، ويعيش في حالة من العوز الشديد.
كما في قوله تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة 273),
فمن تعريف كلا منهما يتبين أن الفقير أشد حاجة من المسكين حيث أوضح العلماء المسلمين أن المسكين قد يكون لديه مصدر دخل، ولكنه غير كافٍ ليعيش حياة كريمة، في حين أن الفقير قد لا يكون لديه أي مصدر دخل على الإطلاق.
الفرق بين الفقير والمسكين في القرآن الكريم
ورد ذكر الفقراء والمساكين في القرآن الكريم في مواضع عدة منها:
- "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة: 60).
- "إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (البقرة 271).
- "لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ" (الحج 28).
- "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّه بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة 215)
وتم ذكر الفئتين منفصلتين عن بعضهما البعض، وهو ما يدل على أنهما مختلفتين، فالفقير هو من يحتاج إلى الاحتياجات الأساسية لأي إنسان، أما المسكين فهو يحتاج إلى بعض الإحتياجات وليس كلها.
الفرق بين الفقير والمحتاج
الفقير كما ذكرنا هو من يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ويعيش في حالة عوز دائم، بينما المحتاج قد يكون لديه بعض الموارد ولكنه يحتاج إلى دعم إضافي لتغطية نفقاته، ويمكن اعتبار المحتاج فئة أوسع تشمل الفقراء والمساكين وحتى تشمل كل من بحاجة لمساعدة. لذا يمكن القول أن كل فقير أو مسكين هو محتاج، لكن ليس كل محتاج يُعد فقيرًا أو مسكينًا بالمعنى الشرعي.
أيهما أولى بالزكاة الفقراء أم المساكين؟
الفقير والمسكين كلاهما من مستحقي الزكاة والصدقة، وعلى الرغم من اختلاف العلماء في تحديد أي الفئتين أشد حاجة، أجمع البعض على أن الفقير هو الأكثر احتياجًا، وبالتالي فهو أولى بالزكاة. والدليل على ذلك أن الفقير لا يملك شيئًا أو لا يكاد يجد قوت يومه، بينما المسكين قد يكون لديه دخل محدود لكنه لا يكفيه.
ويري البعض أن الفقير أولى بالدعم المالي المباشر عند توزيع أموال الزكاة نظرًا لشدة احتياجه، بينما يمكن أن يحصل المسكين على مساعدة تتناسب مع مستواه المعيشي لتحسين وضعه. ويجوز إعطاء الفقير من الزكاة ما يكفيه لفترة طويلة، بينما يُعطى المسكين ما يسد حاجته الآنية أو يساعده على تحسين وضعه المعيشي.
أحكام الفقير والمسكين في الإسلام
حث النبي ﷺ على الإحسان إلى الفقراء والمساكين، وبيَّن أن من أسباب البركة في المال الصدقة عليهم، كما في الحديث الشريف: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالصائم الذي لا يفطر، أو كالقائم الذي لا يفتر" (رواه البخاري ومسلم)
فمن الأحكام الشرعية المتعلقة بالفقير والمسكين في الإسلام أنهما من الفئات التي تستحق الزكاة، حيث جعل الله لهم نصيبًا من الصدقات والزكاة المفروضة، لتوفير الحد الأدنى المطلوب من المعيشة الكريمة، ويمكن مساعدة الفقراء والمساكين من خلال دفع الزكاة، والتبرعات، وإقامة الوقف والمشروعات التي تضمن لهم مصدر دخل مستدام.
من هو المسكين في وقتنا الحالي؟
في العصر الحالي، يمكن تعريف المسكين بأنه قد يكون موظفًا براتب ضعيف لا يغطي احتياجات أسرته، أو شخصًا يعمل عملًا متقطعًا لا يوفر له استقرارًا ماليًا، كما أن ذوي الدخل المحدود الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة يمكن اعتبارهم من المساكين المستحقين للمساعدات.
أهمية التكافل الاجتماعي في دعم الفقراء والمساكين
الإسلام يحث على التكافل الاجتماعي كوسيلة تضمن الحياة الكريمة لكل أفراد المجتمع المسلم، ومن هنا تأتي أهمية مساعدة الفقراء والمساكين سواء من خلال الزكاة أو الصدقات التطوعية.
ومن أبرز الطرق التي يمكن أن تساعد في تطوير حياة الفقراء والمساكين، إقامة المشاريع الصغيرة، وتوفير فرص العمل، ودعم التعليم والتدريب المهني، مما يساعدهم على تحقيق الاستقلال المادي بدلاً من الاعتماد الدائم على المساعدات.
الفرق بين الفقير والمسكين ليس فقط في مستوى الحاجة، بل أيضًا في مدى استحقاق كل منهما للزكاة والمساعدات المالية من صدقات، فالفقير يعاني من الفقر الشديد الذي يجعله غير قادر على تأمين احتياجاته الأساسية للحياة، في حين أن المسكين يملك بعض الموارد ولكنه لا يزال بحاجة إلى دعم إضافي، ومن خلال فهم تعريف المسكين لغة واصطلاحًا والفرق بين الفقير والمحتاج، يمكن تحديد الفئات الأكثر احتياجًا للدعم المالي والاجتماعي، من خلال الزكاة والصدقات والوقف، لذا، فإن تقديم العون لهؤلاء المحتاجين هو مسؤولية اجتماعية وأخلاقية تسهم في بناء مجتمع أكثر عدالة ورحمة.